ترامب لدول الخليج أدفعوا لنحميكم
د.نسيب حطيط
أعلن الرئيس الأميركي المنتخب "دونالد ترامب" ان أبرز مبادى سياسته الخارجية ترتكز على مبدأ مقايضة حماية الدول والعائلات المالكة بدفع بدل مادي ومعنوي لأميركا ومع أن هذا المبدأ قد مارسته أميركا وبريطانيا مع ممالك وإمارات الخليج منذ (اتفاقية دراين عام 1915م) وقبضت أثمانه الباهظة على المستويين السياسي والإقتصادي ،حيث كان من شروط تولي العائلة لمالكة السعودية الحك إلإعتراف بإعطاء فلسطين للمساكين اليهود والسيطرة على إنتاج النفط وأمواله و إحتكار صفقات السلاح الأسطورية للمصانع الأميركية أولا ، ثم البريطانية والغربية وهذا ما تم ممارسته مع إمارات الخليج بالإضافة على وجوب أن يتخرج أولياء العهد والأمراء من الكليات العسكرية البريطانية خصوصا".
لقد أعلن الرئيس الأميركي (ترامب) وجوب دفع نسبة مئوية من الإيرادات النفطية لكل دولة خليجية من أجل الحماية والرعاية حيث يقول (إن السعودية "دولة ثرية" وعليها أن "تدفع المال" لأمريكا لقاء ما تحصل عليه منها سياسيا وأمنيا) .
إن تصريحات "ترامب" أدخلت القلق والخوف في الخليج على مستقبل العائلات المالكة أولا" ثم على مستقبل مواطني هذه الدول الذين سيدفعون ثمن الحماية من انتاجهم الوطني والذي سينعكس على مستوى معيشتهم وقلقهم على أمنهم الاجتماعي والسياسي والأمني المرتبط بالحماية و الإبتزاز الخارجي كسيف مسلط على رقابهم وتحويلهم الى رهائن للسياسة والمزاج الإنتخابي الأميركي بدل الإعتماد على قدراتهم الذاتية والتعايش السلمي مع محيطهم العربي والإسلامي .
وبناء على تصريحات "ترامب" يمكن استخلاص النتائج التالية :
- إن بقاء ديمومة أنظمة الحكم في الخليج يعتمد على الحماية الخارجية الأميركية وليس على القبول والمبايعة الشعبية .
- إن اميركا ليس لها حلفاء او أصدقاء بل تعمل وفق نظام الشركة الأمنية والسياسية التي تبيع "زبائنها" منتجات الحماية والرعاية ، فإذا تناقصت أرباحها مع هذا الزبون "الدولة او الحاكم" أستبدلته بزبون أو مشتر آخر!
- لقد أستدرجت أميركا دول الخليج (ماعدا الكويت وعمان) الى ميادين قتال عسكرية (اليمن سوريا-العراق وبقية دول الربيع العربي) و إقتصادية ( تخفيض أسعار النفط للضغط على روسيا وإيران..) وعقائدية (الوهابية والسلفية التكفيرية مع بقية المذاهب الإسلامية ) مما أرهقها وأستنزف ثرواتها وزاد من أعداد أعدائها ومنافسيها وتم تحميلها أعباء وأوزارا" أكثر من قدرتها ويمكن ان تتركها لمصيرها إذا أقتضت مصالحها ذلك!
إن المصيبة الكبرى التي كشفها "ترامب" ولا يريد الملوك والأمراء رؤيتها والعمل بما يحمي بلادهم ومواطنيهم تتمثل بإستبدال الحماية الخارجية بالحماية الداخلية من مواطنيهم ، فبدل دفع المليارات للخارج وصرفها للتنمية والتطوير في بلادهم لرفع مستوى المعيشة وتأمين الأمن الإجتماعي الذي يغنيهم عن الخارج وشروطه وإملاءاته التعسفية والقاسية ويضمن بقائهم على الأقل مع عائلاتهم بعد تركهم السلطة إختيارا أو كرها وحتى لا تضيع أموالهم في البنوك الأميركية الغربية بعد قانون "جاستا" وغيره من القوانين الغربية .
نحن حريصون على اخوتنا في الخليج فهم أشقاؤنا واخوتنا في الدين والعروبة ولا نشمت بهم اذا كادهم اعداؤهم (اصدقاؤهم المفترضين) وندعوهم للعود الى أمتهم وأشقائهم وان لا يستمروا بإشعال الحرائق والحروب التي دمرت الأمة بناء لأوامر اميركا والغرب حتى وصلت الحال ببعضهم للإستعانة بالعدو الإسرائيلي ضد اليمن وسوريا وإيران... وهذا العدو يبحث عمن يحميه بعد عجزه وهزائمه المتكررة في لبنان وفلسطين ولا زالت الأبواب مفتوحة قبل فوات الأوان ولا يمكن للمال ان يحمي دولة او عائلة حاكمة أو شعبا" الى الأبد وسينفد يوما ما عاجلا أم آجلا... وحيث لا ينفع الندم.